الشيخ الحاج عمر الفوتي

اثنين, 08/24/2015 - 16:55

الحمد لله الذي أفاض على أوليائه وأحبائه من النور الأحمدي أنوارا وحلاهم من مكنون 

سره وجوهر علمه معارف وأسرارا والصلاة والسلام على سيدنا محمد الفاتح الخاتم 

الناصر  الهادي وعلى آله حق قدره ومقداره العظيم.

قبل أن أبدأ الكلام في ترجمة  هذا العالم لا بد أن أعتذر لكم أيها الحضور الكريم عن قصر 

باعي وقلة اطلاعي وقناعتي أن مثلي لا يمكنه أن يترجم لمثل الشيخ عمر الفوتي إلا أنه من 

المعروف أن مالا يدرك كله لا يترك جله وسأورد في هذه العجالة نبذة يسيرة يتبرك بها 

السامعون ويتعلق بها المحبون وقد قسمتها إلى المحاور التالية:

أولا: مولد الشيخ الحاج عمر الفوتي رضي الله عنه 

ثانيا : العريف به رضي الله عنه 

ثالثا : أسانيده ومكانته في الطريقة التجانية

رابعا : جهاده رضي الله عنه 

خامسا : الخاتمة 

فأقول وبالله التوفيق :

أولا :مولده رضي الله عنه 

ولد الشيخ أبو حفص عمر بن سعيد الفوتي من أبوين منحدرين من جد واحد ،فوالده هو 

سعيد بن عثمان بن مختار بن صمب ،ووالدته هي سيدتنا آدم بنت الإمام سري بن دنمب بن 

صمب ، فبيتهم بيت علم ومعرفة وولاية .

وقد اختلف في تاريخ ولادته على عدة أقوال أصح ما نقل فيها هو ما كتبه الشيخ أحمد بن 

بدي بن سيدينا "شيخنا آبّ" في كتابه "الدرع والمغفر في الذب عن الشيخ عمر"ونصه:

"كانت ولادة هذا الشيخ عام ثلاثةَ عشر بعد المائتين والألف وهو عام قدوم شيخنا رضي الله 

عنه لفاس (يعني الشيخ التجاني) وقبل ولادة الشيخ الحاج عمر بأربعة أشهر و نيف لأن 

قدوم شيخنا لفاس في السادس من ربيع الثاني كما في جواهر المعاني".

كما ذكر الشيخ سيد عبد الله بن سيد محمد الصغير العلوي التيشيتي في سرده تاريخ أحوال 

الشيخ الحاج عمر رضي الله عنه ما نصه:"ولد سيدنا أبوحفص عمر بنُ سعيد بنِ عثمان 

سنة (بشير) وهو عام ألف ومائتين واثني عشر من الهجرة(1212)، ويومئذ الشيخ الأكبر  

والغوب الأشهر القطب الكامل الأبهر والفرد الأزهر شيخ الشيوخ وتاج الأشياخ خاتم 

الأولياء وممد الأقطاب والأصفياء أبو العباس شيخِنا أحمد بن محمد رضي الله عنه وأرضاه 

وعنا به آمين في قيد الحياة وقبل انتقاله لفاس بسنة واحدة وقبل تأليف جواهر المعاني 

وأدرك شيخنا عمر من عُمر الشيخ التجاني ثمانِ عشرةَ سنة لأن الشيخ أحمد التجاني رضي 

الله عنه رجع إلى ربه سنة ثلاثين ومائتين وألف هجرية فليتأمله الناظر يجده صحيحا ."

ثانيا : التعريف به رضي الله عنه 

هو أمير المؤمنين، وحامي حمى الملة والدين،الشيخ الإمام الأوحد الهمام، ناشر الطريقة 

والإسلام ،علم الأعلام ، وحسنة الليالي والأيام، من لا يجود زمان بمثله ، ولا يرى في 

جميع الأنام شكل كشكله ، المجاهد في سبيل الله لإعلاء كلمة الله ، حتى قام الدين على 

قوائمه الأربع، وعلى النداء بشهادة الحق وارتفع ، حطم الأصنام وأبطل عبادة الأوثان ، 

وفتح بلاد الكفر بسيف سَطوته، وأذعنت الملوك الجبابرة لهيبته ، ونشر الأمن والعدل في 

رعيته ، وآخى بين السيف واللوح والقلم في دولته ، فلم يصُل أحد لنُصرة دين الله كصولته 

، ولم يعقه ما هو فيه من الجهاد وفتح الأقطار والبلاد عن تعليم جنوده وتربية مريديه 

وتأليف للكتب التي هي في غاية النفاسة التي لا يتسنى عادة تأليفها وتصنيفها إلا لمن انقطع 

إليها من جميع الشواغل ، فلا شك أن أمرَه كلًه خارق للعادة وهذا الذي ذكرنا عنه من أظهر 

الكرامات وأعظم خوارق العادات فشأن هذا الشيخ كله عجيب وأمره غريب، فلا تحصي 

القراطيس والأقلام مآثره ولا فضائله وفواضله ،وقد وضعت التآليف العديدة في حياته 

وجهاده وعلمه وفتوحاته 

ويكفي أن الشيخين الأحمدين،الشيخ أحمدو بن الشيخ محمد الحافظ(من) والشيخ أحمد بدي 

(آب)رضي الله عنهما كانا في غاية الاعتقاد والمحبة فيه وهما من هما جلالة وعلما ومكانة 

عند الخاصة من الناس والعامة فكانا لا يدعوانه إلا بشيخنا. 

فالشيخ أحمدو بن الشيخ محمد الحافظ رضي الله عنهما نظم كراماته بنظم معروف متداول 

بين الناس قال فيه:

قد سقيت ذات الولي الشيخ عمر    محبة النبي سيد البــــــشر 

والأولياء بارتـــــــــــفاع ذكره      وبانتشار صيته وأمــــره

قد أخبروا وتان قبل الـــــــمولد     وقعـــتا يا نعمة من ســيد

لم تجلس أمـــه عن الصلاة بـه     عند ميلاده وتي من عجبه

لأنه ولد طـــــــــاهرا ولـــــــم      يرضع لبان أمه أيضا بدم 

.....إلخ 

والشيخ أحمد بدي رضي الله عنه ألف في الرد عنه وتصدى لمعارضيه في كتابه الذي سماه 

"الدرع والمِغفر  في الرد عن الشيخ عمر "

كما نظم جملة من خصاله وشمائله الحِبر المُتقِن محمد بن محمد الصغير بن امبوجَ في 

قصيدته الرائية المشهورة التي يقول فيها مخاطبا الشيخ الحاج عمر رضي الله عنه :

ليهْنكَ أن َ الله أولاك فضـــــــــــلَه                 وأنك شمس المجد في مفلقِ الفجر

وأنك أدركت المـــــــعاليَ يافـــــعا                 ولم تبقِ مـــها وزن واحـــــدة الـذَّر

وأمك لما أنجـبت بـــك لم تـــــــــدع               صلاة بوقـت مـا لفوريـةِ الطـهر

وفي المهدِ شهرُ الصوم صُمت نهاره             ولم ترتضــع ثديا إلى ساعة الفـجر

وقد وفد عليه رجال كبار من العلويين ومن غيرهم للمشاركة في جهاده ضد الكفار عبدة 

الأصنام ،من بينهم العالم العامل والشيخ الواصل المختار بن محمذن بن ببان .

كما تتلمذ عليه أناس من وجهاء القبيلة العلوية وأعلامها منهم ابن عمنا العلامة أحمد بن 

محم بن العباس مؤلف كتاب "روض شمائل أهل الحقيقة في تراجم أعلام بعض أعيان أهل 

الطريقة "وهو الذي كان يأتي بخبره وخبر جهاده للشيخين الأحمدين ،وقد حضر معه وقائعه 

وحروبه وبقي مع ابنه وخليفته أحمد حتى توفي معه في "سيكُو" ودفن هنالك .

ثالثا :أسانيده ومكانته في الطريقة التجانية 

أخذ الشيخ عمر رضي الله عنه الطريقة التجانية أولا على سيدي عبد الكريم الناقل الفوتي 

عن سيدي مولود فال عن الخليفة الأبر والصديق الأكبر السيد محمد الحافظ بن المختار 

لحبيب عن القطب المكتوم والبرزخ المختوم سيدي أبى العباس أحمد التجاني رضي الله 

عنه،كما صرح بذلك الشيخ الحاج عمرنفسه في كتابه "رماح حزب الرحيم على نحور 

حزب الرجيم" وكتابه هذا كتاب نفيس من أمهات كتب الطريقة وهو مطبوع وغالبا ما يطبع 

على هامش جواهر المعاني لمكانته وفضله.

ثم بعد ذلك لقي سيدي مولود فال وأخذ عنه مباشرة ثم قصد الحج وزيارة النبي صلى الله 

عليه وسلم ،فلقي بالحرمين الشريفين صاحب الشيخ التجاني رضي الله عنه سيدي الغالي 

أبوطالب رضي الله عنه فأخذ عنه ومكث معه زمنا يربيه وتلقى عنه أسرارا كبارا وقدمه 

وأذِن له في تربية المريدين ،وأجازه بإجازة حافلة أثنى عليه فيها ثناءً حسنا ،وشهد له 

بالخلافة ووصفه بصفات الأكابر الواصلين وقد ذكر الحاج عمر الفوتي نص هذه الرسالة 

في كتابه "الرماح" فليراجع فيه .

رابعا: جهاده رضي الله عنه 

يعتبر الحاج عمر الفوتي أكثرِ العلماء والدعاة إلى الله تعالى تأثيرا في غرب إفريقيا عبر 

العصور ، حيث نشر الإسلام بالسيف بين الوثنيين في هذه المنطقة ،فجيش الجيوش وعقد 

الألوية وأرسل البعثات إلى جميع الأصقاع فدخل الناس في دين الله أفواجا، كما جاهد 

المستعمرين الغزاة بسيفه حتى اعترفوا له بالمكانة وعقدوا معه معاهدات كثيرة ،وحيثما حلَ 

يدخل الدين والطريقة والعلم ، وهذا هو ما صبغ هذه المنطقة بصبغتها الموحدة لها حتى 

يومنا هذا . ففي هذه المنطقة يسود الإسلام والفقه المالكي والعقيدة الأشعرية والتصوف 

الشرعي وخاصة على الطريقة التجانية . وليس هذا إلا ثمارا لجهاد ودعوة هذا القائد الفذ 

الذي بقيت بصماته ظاهرة جلية في غرب إفريقيا حتى يومنا هذا وقد توفي رضي الله عنه 

سنة 1280هـ .

خامسا : الخاتمة 

لقد كانت حياة الحاج عمر كُلها جهادا في سبيل الله من أجل توحيد العبادة لله تعالى وإعلاء 

كلمة الحق ، فجاهد بحد السيف من تصدى له من أعداء الإسلام وأقام الحجة على من 

تصدى له من المنكرين ،فهو حقا كما قال محمدو بن محمدي :

بهدى الكتاب دعا فمن لم يرتدع             بهدى الكتاب فبالكتائب يردع

وله رضي الله عنه تآليف وتصانيف عديدة نافعة وبعضها مطبوع منها كتاب الرماح 

،وكتاب مفتاح السعادة الأبدية ومجموعة كبيرة من المراسلات المفيدة في مضمونها 

ومعناها.

وقد أفرد له بالتأليف حفيده الشيخ منتقى تال ترجمة كبيرة موسعة في كتاب سماه "الجواهر 

والدرر في سيرة الشيخ الحاج عمر "رضي الله عنه وهو كتاب ضخم حافل مطبوع.

وفي الأخير لا يسعني إلا أنوه بهذه الفرصة السعيدة التي أتاحت لنا التأمل في سير هؤلاء 

الأعلام الأجلاء راجين من المولى العلي القدير أن يسبل وابل رحماته وبركاته على شيخنا 

ووالدنا محمد مختار بن دهاه الذي علمنا أن معرفة الطريقة مرتبطة كل الإرتباط بمعرفة 

رجالها وتتبع آثارهم والاهتداء بهديهم القويم،نسأل الله تعالى أن يجازيه عنا أعلى ما جازى 

أمثاله عن أمثالنا وأن يبارك في خليفته الشيخ محمد الكبير وأن يوفقنا جميعا لخدمة هذه 

الطريقة الأحمدية المحمدية التجانية.وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.