بدي بن سيدينا

اثنين, 08/24/2015 - 17:08

بسم الله الرحمن الرحيم                                   

وصلى الله على نبيه الكريم سيدنا محمد وآله اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل 

الحزن سهلا 

ترجمة سيدي محمدي (بدي) بن سيدي عبد الله سيدنا المعروف بحسان الطريقة رضي الله 

تعالى عنه وأرضاه . هو  الشيخ الأجل ،والقدوة" الأمثل " الإمام الكامل الحجة سيدي 

محمدي بن سيدي عبد الله المعروف "ببدي" اشتهر بحسان الطريقة لدفاعه عنها بشعره 

ونثره ولقوله في إحدى قصائده في الرد عن حمى الطريقة التحانية :

وإني لحسان الطريق وأهلها             أذود أبا جهل والنكير و أزجرا

ولد رضي لله عنه سنة 1202هـ ، وكان والده سيد عبد الله من أكابر علماء بلده وفطاحل 

قطره لا يجارى ولا يبارى في الفقه وكذلك آبائه وأجداده ،بل وجميع أسرة آل سيدينا فقد 

تسلسل العلم في أفراد هذه الأسرة تسلسلا قل أن يوجد له نظير في غيرهم ، ومن أجداده 

سيدي عبد الله المعروف بالقاضي أول من نشر العلم في أرض "الكبله" ويدعى قاضي 

البراكنة وفيه يقول العلامة محنض باب الديماني في قصيدته التي يخاطب بها حرم بن عبد 

الجليل العلوي ويمدح العلويين قال:

دع المدح يغدو في مسارحه يرعى        ولا ترعه إلا كلا طيب المرعى 

فعمم به في إيدوعل وخصصن             به شيخنا قاضي القضاة تجد مرعى

فجدهم أستاذ تاشمشَ كلهم                  قد ارتضعوا من علمه الخلف والضرعا

ويقول العلامة القاضي المؤرخ باب بن أحمد بيب رحمه الله تعالى في والد صاحب الترجمة 

يؤرخ وفاته ويشير مع ذلك إلى تسلسل العلم في هذا البيت :

وعام آمين وأربعين فيه                  مات الفقيه بن الفقيه بن الفقيه

بن الفقيه بن الفقيه فـهم                   خمس شموس جوهن مظلم

ويقول في رثاء صاحب الترجمة وتاريخ وفاته ويشيد بمكانة إخوته في العلم :

وإن تقل سادس إخوة فما        ذكرت إلا فقهاء علما

فهم أحق من بني زيادي        بالمثل السائر في البلاد

كحلقة مفرغة لايدرى           من أين تؤتى وهو غير إطراء

نشأته :

نشأ محمدي رضي الله عنه برا تقيا نقيا من دنس المخالفات طاهرا مطهرا مهذب الأخلاق 

زكي الأعراق في بيت من بيوتات العلم والدين والحكمة بين أبوين كريمين برين نقيين 

،فربياه على الدين المتين والجد والمثابرة على اقتناء الفضائل واقتناص المحامد والجد في 

طاعة الله تعالى و اتباع مراضيه  واجتناب مساخطه وطلب العلم وهو صغير السن كبير 

المعنى ، وثابر على طلبه بجد واجتهاد وهمة عالية لا ترضى بالدون ولا تتوانى دون ما 

تطلب ، لاتعرف الضجر ولا السئم حتى حصل على مطلوبه وفاز بمرغوبه  واحتل المكانة 

السامية والدرجة الراقية في سائر العلوم ، فقرأ على والده سيدي عبد الله الملقب سيدنا  قرأ 

عليه الفقه وكان متبحرا فيه ويرجح كذلك أنه أخذ اللغة من نحو وصرف وبيان على شيخ 

الإسلام حرمة الله بن عبد الجليل العلوي ويدل على أخذه عنه قوله في  أبيات يخاطب بها 

ولده محمدي بن حرم :

ابن شيخي ومؤنسي وحبيبي          ومعيني على علم الخطوب

كما لا يبعد أن يكون قد درس أيضا على العلامة الكبير سيد ابن أحمدان العلوي فقد ثبت 

لدينا أنه كان كثير المجالسة له وكانت تحت يد صاحب الترجمة مكتبة آل سيدينا التي 

اشتهرت لثرائها وتنوع مصادرها وهي من أكبر المكتبات في هذه المناطق إذ يبلغ عدد ما 

فيها ألف كتاب على ما تضمنته رسالته التي كتب لأهل شنقيط يطلب منهم أن يجمعوا ما 

عندهم من كتبهم حتى يتسنى له أخذها منهم وقد ظهر جليا أثر ذلك في تنوع ثقافته 

الموسوعية ، فهو محدث واسع الإطلاع على كتب السنة حافظ لما قرأ منها ومفسر وفقيه 

ضليع وأديب بعيد الشأو في حفظ الحكايات والأشعار والنكات الأدبية التي اشتملت عليها 

كتب الادب حتى لتكاد تقطع أنه طالها كلها بحيث لم يفت عليه شيء منها .

وأما التصوف ولأخلاق فهو إمامه دون منازع قد اتفقت الكلمة عليه وأتلفت القلوب على 

محبته وانطوت على الاعتقاد الكامل فيه وأجمع جيله وقبيلته على مشيخته في علم الظاهر 

والباطن وعلى أنه من يربي القلوب ويدلها على الله بحاله ومقاله ، وكان قد تلقى الطريقة 

التجانية على يد شيخه ومربيه وكافله الشيخ سيدس محمد الحافظ بن المختار لحبيب وألقى 

له القياد وبقي تحت نظره وتربيته حتى ظفر بالمراد فقدمه شيخه وخلفه بعده على تربية 

المريدين والأخذ بأيديهم إلى الله تعالى فقام بأعباء الخلافة أتم  قيام فربح على يده خلق كثير 

وتخرجت بتربيته أفواج ومريدون عديدون وكان قد تصدى للرد على خصوم الطريقة 

التجانية والذب عن حوزتها وحماها بشعره الجيد الفائق الذي لا نظير له في الجودة ومتانة 

الأسلوب وكان ذا أخذ في مجادلة الخصوم و محاججتهم أربى عليهم وأبطل حججهم بواضح 

البرهان وصاطع الدليل مع عفة اللسان وأدب العبارة ويمزج لهم الرد بالنصح والإرشاد 

والوعظ والتذكير والدعاء لهم بالهداية والتوفيق . 

ونحن ننقل هنا بعض شهادات أعلام عصره له بالتبريز وسائر الكمالات والفضائل فمن ذلك 

ما قاله حفيده العلامة الشيخ المربي النفاع سيدي حمد لمين بن بدي رضي الله عنه في كتابه 

"إفادة الغُيب و الجُلاَّس " قال : ومنهم والده وشيخه الإمام نادر ة الزمان ومصباح الظلام 

مآثره تكل ُّ دونه الأقلام وتحتاج لإفرادها بأسفارٍ ضخامٍ لكن سأكتفي بيتين للعلامة الحبر 

النبيه الغئس في كل علم باب بن أحمد بيبَ من قصيدة له في رثاء صاحب الترجمة وهما:

شهادة لم أكن يوما لأكتمها         بالحق بين يدي ربي أؤديها 

ما كان في آل يحيى مثله وله       مآثر صالحات لست أحصيها

وقد ترجم له جماعة من الأعلام وبالغوا في إطرائه والثناء عليه بما يستحق أكثر منه .

آثاره ومؤلفاته:

لم يخلف صاحب الترجمة رضي الله عنه من المصنفات ما يناسب مؤهلاته العلمية ولعل 

السبب في ذلك انشغاله بالعبادة و الإنقطاع إلى الله  ودلالة الناس عليه بتربيتهم وإرشادهم 

،وهذه أسماء ما وصل إلينا منها :

1) كشف الغشاء في فضل تأخير العشاء 

2) نفحة المنان في تأييد اعتقاد الإخوان 

3) الرسائل والأجوبة التيشيتية 

4) نزهة المستمع واللافظ في مناقب الشيخ محمد الحافظ 

5) المدائح النبوية التي رتبها لتقرئ في ليالي ربيع النبوي الشريف وختمها بقصيدته 

الرائعة المسماة "تهنئة الربيعي"

6) الدرع الدلاص منظومة له في التوسل بسور القرآن العظيم 

7) ديوان شعر حافل بالتربية والإرشاد والدلالة على الله ومدح مشائخه في الطريق 

والدفاع عن حوزتها والرد على خصومها 

وفاته : توفي رضي الله عنه سنة 1264 هـ ورثي بشعر كثير ودفن في مقبرة "لميلحه" من 

أرض العلويين