الحاج مالك سي

ثلاثاء, 08/25/2015 - 13:09

والسلام على أشرف المرسلين سيدنا ومولانا محمد المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين  وعن التابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين ورضي الله عن

شيخنا الإمام مصباح الظلام وعلم الأعلام القطب الهمام إمام حضرة أهل القرب والتداني سيدي ومولاي أبى العباس أحمد التجاني وعن خلفائه الأخيار وورثته الأطهار الذين لولاهم ما سلك من سبل التربية فجاجها ولا قوم من ضلع النفوس اعوجاجها.

أما بعد فإنه من أبرز الأعلام  الذين ورثوا من شيخ هذه الطريقة أعلى مقام وحصّلوا منه من المعارف ما بلغوا به غاية المرام سيدي الحاج مالك سي الإمام الكامل الحجة الواصل البحر الذي لا ينضب معينه، القويةِ همته المستقيم خلقه ودينه ، البدر الذي ملأ الأفق ضيائه ، وتفرق في سائر البلاد نوره الوضاء وسنائه، كعبة الواردين  وملاذ الخائفين وإمام الورعين المتقين من لم تزل حياض علومه مترعة وفيوض أنواره وأسراره متدفقة فهو جنيد عصره وأوانه وأويس دهره وزمانه .شهد له بالفضل واستقامة الطريقة جميع من عاصره من الأعلام والأعيان فكان مضرب المثل عندهم في الورع ومتانة الدين والتمسك بالسنة النبوية والعض عليها بالنواجذ والقيام بحقوق الله تعالى وحقوق عباده.فنفع الله به العباد و أحيا به الأوراد فانتشرت الطريقة على يده انتشارا واسعا شمل بلادا و أصقاعا عديدة.

أخذ الطريقة التجانية  على خاله "ألفا مايرو" . وكانت له علاقات متينة مع أكابرها وعظمائها ، وخصوصا مع مشائخ العلويين كسيدي أحمد بدي والشيخ أحمدُبن الشيخ محمد الحافظ رضي الله عنهم ،  فكان يكاتبهم ويراسلهم وتعرف على جماعة من أكابر تلامذتهم كانوا يفدون عليه في "تواون" ويتبادلون معه الأسرار والأذكار والإذن في الطريقة مثل العارف بالله تعالى عبد الله بن الحاج ومحمد الكبير بن محم  والحافظ بن خير ومحمد فال ابن ألفغ ، ومحمد الحسن بن عبد الجليل وهؤلاء من العلويين ، ذكرهم في كتابه المسمى "إفحام المنكر الجاني" وأثنى عليهم بالعلم والمعرفة. وذكر أنهم حملوا له الإذن من عند الشيخين الأحمدين في الطريقة التجانية وفي أسرار أخرى من أسرارها وأنهم أذنوه وأجازوه بأسانيدهم في  الطريقة عن الشيخين المذكورين . كما اتصل به غير هؤلاء من أجلاء القبيلة وأعيانها كالقاضي الشاعر محمد عبد الله بن ففا ، والعلامة القاضي محمد عالي بن فتى .

أما أولاد شيخنا سيدي مولود فال رضي الله عنه وخلفاؤه في الطريقة فقد كان يجلهم ويحترمهم غاية الإجلال والاحترام ، لأن من أهم أسانيده في الطريقة عنده سنده عن العلامة الشيخ العارف بربه تعالى محمد عالي بن محنض اليعقوبي التجاني وذلك عن سيدي مولود فال رضي الله عنه .وتلقى عن محمد عالي علوما وأسرارا وكثيرا من فقه الطريقة ، وأول لقاء كان بينهما جرى في "دكَانَ" وتلاقيا بعد ذلك عدة مرات في "تواون" حرسها الله وصانها من كل بأس.وكان سيدي الحاج مالك سي رضي الله عنه قد سافر لزيارة ضريح سيدي مولود فال راكبا على ثور و بنى بيتا من الطين على قبره ، فهو أجل شيوخه عنده.

ومن أكابر العلويين الذين أجازوه في الطريقة  الإمام الحجة لسان الطريقة ومربيها الذاب عن حوزتها ، الحامي لحماها سيدي محمد فال بن باب رضي الله عنه فقد أرسل له يطلب منه الإجازة في الطريقة مع أخيه وصاحبه الأخص محمد المختار بن أحمد عالم فكتبه له وأرسله معه ، وقد قال شيخنا محمد عبد الرحمن بن السالك رحمه الله أن محمد المختار حدثه أنه لما قدم حاملا الأذن عليه في "تواون" سلم على الحاج مالك وهو خارج من المسجد فسأله هل أتى بالاذن ؟ فقال له :أتيت به لكني تركته في المنزل ، فقال :لا ابرح من موقفي هذا حتى تأتيني به . فوقف في الشمس الحارقة وصار التلامذة يظللون عليه حتى رجع هو إلى المنزل وأتاه به وهو لم يبرح مكانه ، لشدة فرحه به .

وتوفي رضي الله عنه سنة 1340هـ وترك خلفائه الأجلاء العلماء الأعلام سائرين على طريقته ، متبعين لمنهجه وطريق سلوكه أدامهم الله وأعزهم وأعلى شأنهم وأبقى سره ومدده ساريا فيهم وفي أولادهم وأنجالهم و تلامذتهم ما بقيت الدنيا. ولسيدي الحاج مالك سي رضي الله عنه مؤلفات كثيرة نافعة وأنظام ونصائح وإرشادات وعظية لايتسع الوقت لذكرها.

وليس هذا إلا غيض من فيض من حياة هذا العالم